- لم نعتد أن يسمع مسؤول أو يقرأ ما نكتبه أو يتفاعل معه، ولذلك كانت مفاجأة حين اتصل بى وزير التربية والتعليم وأرسل لى تقريراً عما نشرته عن مسألة تكفير نجيب محفوظ فى إحدى المدارس، التى اتضح من التقرير أنها غير تابعة لوزارة التربية والتعليم وأنها معهد أزهرى، وقد اهتم د. أحمد جمال الدين موسى بالقضية، ولمست من حواره معى كم الاهتمام والجدية اللذين يتعامل بهما الرجل مع ما تنشره الصحافة، ولمست اهتمامه أيضاً بما عرضته من ضرورة الاهتمام بتدريس المنهج العلمى فى التفكير على شكل كتيب صغير، نحن فى أشد الحاجة إليه فى تلك الأيام العصيبة التى تخاصم التفكير العلمى العقلانى.. شكرا للوزير وأتمنى أن يحذو حذوه باقى الوزراء.

- الفتنة الطائفية لن تكون بين مسجد وكنيسة فقط، ولكن من الممكن أن تنتقل العدوى فتكون بين سوبر ماركت يملكه مسيحى وآخر يملكه مسلم أو مستشفى إسلامى ومستشفى مسيحى.. إلخ!

القصة التى سمعتها من مدير أحد المستشفيات قبل أحداث إمبابة بأيام قليلة تثبت ذلك، المدير هو طبيب أسنان مسيحى إسكندرانى اسمه «أليشع» وجد أمامه رب أسرة يدخل هو وأقاربه غاضباً متسائلاً «فين الدكتور فلان؟»، كان هذا الفلان مسيحياً، سأله المدير: «ليه يا حاج؟»، وكان هذا الحاج مسلماً، فرد الحاج: أنا رحت بعد ما كشفت عندكم لأحد الإخوة الأطباء يطمنى على الدوا المكتوب لابنتى فى الروشتة، فقال لى إحمد ربنا بنتك كانت حتموت من الفلوموكس، وكان البديل الذى كتبه الطبيب الأخ كلافوران!!،

وبالطبع الفلوموكس لا هو دواء قاتل ولا حاجة وإنما هى الفتنة الطبية لمجرد الاختلاف.. أنقذ الموقف طبيب مسلم آخر صديق لمدير المستشفى، قام بشرح الموقف للأب الغاضب، الحمد لله أن هذا الطبيب كان عاقلاً وأزال لغم الفتنة، ولكن هل نضمن وجود هذا العقل فى كل الأماكن ومع كل الأشخاص؟! وبلاها فلوموكس خد كلافوران!

- لأن مصر رمانة الميزان فى الوطن العربى، لذلك فإن فتنة إمبابة كانت موضوعاً لمعظم أعمدة ومقالات الكتاب العرب الكبار، اختلطت أحبار أقلامهم بدموع مآقيهم.. كتب داود الشريان: «التذرع بـ(أعداء ثورة 25 يناير) ليس سبباً كافياً لإطفاء غضب الأقباط، وتبريد خواطرهم. لابد من موقف تُثبت فيه الحكومة المصرية أن حماية الأقباط هى جوهر حماية السلم الأهلى. يجب أن يشعر المسيحيون فى مصر وغيرها من البلاد العربية بأنهم جزء أصيل من هذه الأمة العربية. لابد من لجم تلك المشاعر المنحرفة والطارئة ضد المسيحيين، لابد من حماية صورة الإسلام من التطرف والمتطرفين»،

وكتب جهاد الخازن: «مستقبل مصر أهم من ألف كاميليا وعبير والمتطرفين المتخلفين دينياً وإنسانياً، ومرة أخرى عندما تعصف أنواء اقتصادية وطائفية بمصر تصبح الأمة كلها فى خطر.. للمصريين جميعاً، مسلمين وأقباطاً ويهوداً، عندى مثل لبنانى (أسلمت سارة، لا ربحوا المسلمين ولا خسروا النصارى)، وأستطيع أن أقلبه ليصبح (أسلم عوضِين، لا ربحوا النصارى ولا خسروا المسلمين).

بكلام آخر: لا يجوز أن يؤدى وضع أى امرأة أو رجل إلى فتنة طائفية»، وكتب مشارى الزايدى: «كل هذه المشاهد المحزنة التى تجعل (الأمة المصرية فى خطر) كما قال وزير العدل المصرى، تجعلنا نخاف أكثر وأكثر على بقية المجتمعات العربية التى لا تملك تاريخ مصر ولا قدم رسوخ تقاليد الحكم والدولة والتناسق الاجتماعى فيها، وتجعلنا أيضا ـ أو يفترض بنا هذا ـ نفكر كثيرا فى كيفية اجتراح نموذج انتقال وعبور آمن إلى الدولة المدنية دون أن يفتك بنا التشتت الدينى والاجتماعى والصراع المادى البحت، بعبارة أخرى: كيف نحصن أنفسنا من التلاشى فى بحر الفوضى؟!».